الصورة قد تغني عن ألف كلمة
مما لا شك فيه أن الصورة بكافة أنواعها أدت دورا مهما في الكتب سواء على صعيد الزينة والزخرفة أم على صعيد استثمارها كوسيلة معينة في فهم الدرس وتستند أهميتها إلى أسس نفسية وفكرية ووجدانية.. من أبرزها:
- تُعبّد الفكر وتمنح الطالب القدرة على استيعابه والإلمام به، وهو ما لا تستطيعه اللغة بمفرداتها وعباراتها منفردة، والعلة أن هناك خبرات فردية لا تستطيع اللغة ترجمتها والتعبير عنها بشكل دقيق إلا إذا ارتكزت على نظام من الصور التي تمثلها الفرد من خلال تعامله مع أحداث وأشياء مختلفة، وهي حقيقة تبرز تشابه الأفراد في استعمال النظام اللغوي نفسه، واختلافهم في وصف الشيء عينه أو التعبير عن الحدث ذاته وهو ما أكده بياجيه "Piaget" الذي اعتبر الصورة ضرورية لتحديد معنى الكلام من خلال تصوير الشيء وتحديد دلالته.
-الصورة من مقومات الكتاب وجزء منه وقسم من محتوياته، وإذا كان نص الدرس يساوي المتن فإن الصورة وسواها من الشروحات والجزئيات تساوي الحاشية، والدرس ببساطة –حاشية ومتن-ووجودها في الكتاب المدرسي يتخطى القيمة الحسابية القائمة على نسبة المتن إلى الحاشية أو الجزء إلى الكل، إلى جوهر العملية التعليمية وهي تعد إحدى الوسائل الإدراكية المعرفية التي تتضمن تلك المعينات العقلية التي تعتمد على الرمز واللغة والأشكال والصورة في تسهيلها لعملية التعلم.
-تخفف الصور من أعباء الفكر وجهد الذهن بمخاطبتها الحواس، وإثارتها مكامن الوجدان وبذلك تقدم توازنا للمتعلم بين العقل والشعور بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر وتحفظ له إنسانيته وبتحقيق التوازن تنمو القدرة على الاستيعاب وبتمثيل الأشكال للمعاني يسهل الفهم ويتحقق الهدف والقضية تكمن في أن النفس تأنس بالصورة الحسية البديعة أنسها بالعبارة الجميلة، والسبب ما كان للنفس في اجتلاء المعاني في العبارات المستحسنة من حسن الموقع الذي يرتاح له ما لا يكون لها عند قيام المعنى بفكرها من طريق السمع، وقد يلقى إليه بعبارة مستقبحة فلا ترتاح له في واحد من هذه الأحوال فإذا تلقاه في عبارة بديعة اهتز له وتحرك لمقتضاه.
كما أن العين والنفس تبتهج لاجتلاء ما له شعاع ولون من الأشربة في الآنية التي تشف عنها كالزجاج والبلور.
-توضح الصورة معالم الأشياء التي لا تستطيع المعاجم تحقيقها على رأس المسميات آلات الاتصال الحديثة كالحاسوب وسواه من الأدوات المستعملة في حقل الطب ومختبراته ومثلها المستعمل في حقل قصص الخيال العلمي والمكتشفات الفضائية، ودراسة قصص العلم والخيال تشير بوضوح إلى أهمية الصورة فيها، وما يلحقها من إخفاق بدونها.
-تراعي الصورة وغيرها من الرسومات مبادئ الإدراك عند المتعلم، إذن الصورة تعتبر رسالة تحمل مضامين فكرية تتجسد بالملموس أو المرئي أو غيرهما مما يدرك الحواس.
والأبحاث والدراسات النفسية والعلمية تؤكد أن اكتساب المباني يبدأ من المحسوس إلى المجرد، ومن المجمل إلى المفصل، ومن العام إلى الخاص يعزز القضية أن الإدراك الحسي هو عملية تأويل الإحساسات تأويلا يزود بمعلومات عما في العالم الخارجي من الأشياء، وعن طريقها تتم المعرفة والفهم لموجودات الحياة، ولأهمية صور الأشياء في تنمية المعلومات، من خلال عملية الإدراك استفاد رجال التعليم فاعتمدوا في شرح الدروس على الأفلام التعليمية والصورة التوضيحية والرسوم التفسيرية مغتنمين من عرض الفكرة المجملة لما يراد تعليمه وصولا إلى الأجزاء والتفاصيل تدريجيا، كما أن الصورة تمثل معلما حضاريا ثقافيا في الحياة الاجتماعية.
خالد محمود عبد اللطيف
الجمعة أكتوبر 23, 2009 1:28 pm من طرف khaled
» الصورة تغنى عن الكلمة
الجمعة أكتوبر 23, 2009 1:26 pm من طرف khaled
» الغاية من العبادة
الجمعة أكتوبر 23, 2009 1:20 pm من طرف khaled
» موضوعك الأول
الجمعة أكتوبر 23, 2009 12:49 pm من طرف khaled